حديث التقريب

رفض التدخل الأجنبي يجمعنا

رفض التدخل الأجنبي يجمعنا

حديث التقريب
رفض التدخل الأجنبي يجمعنا


أول ما أقدم عليه الغزو الاجنبي للعالم الاسلامي هو تمزيقه سياسياً واقتصادياً وثقافياً ومذهبياً، على قاعدة "فرّق تسد".
وفي فترة غفلة وتراجع وانحطاط مرّت به أمتنا نفّذ المستعمرون خططهم، فرسموا الحدود  على الارض وأقاموا الجدران بين الشعوب  وأثاروا الحساسيات في الاذهان والنفوس، ووضعوا بؤر الازمات هنا وهناك كي لا تتهيّأ  الأجواء يوماً لعودة الى وحدتنا الحضارية على خط طنجة ـ جاكارتا.
العقود الاخيرة خاصة أوضحت بجلاء ما كان قد زرعه أعداء  الأمة من ألغام، وظهر بوضوح ما يتكالب عليه الغرب وأميركا والصهيونية من حصاد ذلك الحنضل الذي زرعوه، تاركين الشعوب تتجرع مرارة الحروب والازمات والاختلافات. الحقائق بدأت تتكشف للاجيال، وثورة الاتصالات ساعدت على فضح ما كان غائبا عن العيون والعقول. لكن قوى الهيمنة العالمية لم تتراجع عن تدخلها السافر في شؤون الأمة، بل راحت تجهز سفاراتها في بلدان العالم الاسلامي بأحدث ألوان الحرب التجسسية والنفسية في محاولة لاستحكام القبضة  وتشديد الهيمنة كما راحت بكل وقاحة  تستغل الخلافات  الداخلية الطبيعية منها والمفتعلة لتعلن وقوفها الى جانب هذا الفريق أو ذاك،  تحت ذرائع مختلفة وأسخفها الدفاع عن الديمقراطيات وحقوق الانسان.
والذي يبعث السرور والامل في النفوس  هذه المواقف الشريفة المسؤولة التي تصدر بين الحين والآخر معلنة رفضها للتدخل  الاجنبي في الشؤون الداخلية، من ذلك ما سمعناه أمس في تونس حيث راحت السفارة الاميركية تعلن تدخلها الصريح في شؤون هذا البلد العزيز، وفي شؤون شعبه الأبي الكريم، فأعلن الفرقاء جميعاً رفضهم لهذا التدخل، وأدانوه بما يستوجب من إدانة.
هذا الموقف الملتزم يجب أن يتصاعد في العراق وفي افغانستان وفي كل بلد من بلدان دائرتنا الحضارية الاسلامية ليقول لهؤلاء الطغاة: انتم سبب كل مانعانيه من مشاكل وأزمات ... وانتم سبب هذا التصدّع الذي أصاب الاقتصاد والوحدة الوطنية والثقافة الاصيلة والاخلاق السامية في عالمنا الاسلامي.
أنتم سبب كل ما بين حكومات العالم الاسلامي من شكوك ومخاوف واختلافات بينها. فكفّوا أيديكم وأيدي عملائكم عنا ودعونا نعود الى ما أراد الله سبحانه  لنا أن نكون: أمة واحدة معتصمة بحبل الله كالبنيان المرصوص  يشدّ بعضنا أزر بعض.
نعم، لا نريد ان نعلّق مشاكلنا على شمّاعة الأعداء ـ كما يقال ـ فنحن ندرك ما قيل: ما دخل اليهود من حدودنا وانما تسرّبوا كالنمل من عيوبنا، لكن هؤلاء  الاعداء قبل أن يدخلوا من حدودنا عملوا على اتساع ثغور العيوب، ولايزالوان يمارسون ذلك.
المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية أدرك أن أحد ثغور هذه العيوب هو التفرقة الطائفية وأدرك أن هذه التفرقة ناشئة من هبوط الشعور بالوحدة الحضارية في الامة.
ومن هنا نرى هذه التفرقة تتجلى أحيانا بين السنة والشيعة وأحيانا بين الشيعة والشيعة، وبين السنة أنفسهم، وأحيانا بين العرب وغير العرب، وبين أصحاب الاصالة وأصحاب الحداثة. ولو أمعنا النظر في هذه الاختلافات والنزاعات باجمعها لرأيناها تعود الى  تراجع روح الوحدة الحضارية في الأمة. ومن هنا يرفع المجمع صوته بقول الله سبحانه: (ان هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون) وقوله تعالى: (واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها..)
بهذا الوعي سنسدّ الثغرات التي ينفذ منها الاعداء ليطعنوا في جسد الامة، وبهذا لوعي سنحقّق وحدتنا المنشودة باذن الله تعالى.


المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية
الشؤون الدولية